الجمعة، 25 فبراير 2011

قناة الجزيرة

قناة 'الجزيرة'... قوة الردع القطرية

 

أشرف طارق
Monday, February 14, 2011

أعتقد جازما أنه بعد ثورتي الشعبين التونسي والمصري، سيقدم عدد من أساتذة العلاقات الدولية والفكر السياسي، والمتخصصين في العلوم السياسية على تغيير مناهجهم التحليلية التي يقدمون بها قراءاتهم السياسية لواقع الأمم والشعوب.
ولعل من أهم العوامل المساعدة على إحداث التغيير هو الإعلام الذي تصاعدت أهميته بشكل مطرد، ففي نظري انتقل من السلطة الرابعة إلى الأولى. وبدل دوره التقليدي الذي كان متمثلا في طمس الحقائق وتزييفها ونشر الإشاعات الكاذبة كالدور الذي أدته البي بي سي في حرب الخليج الأولى وشبكة السكاي نيوز في حرب الخليج الثانية، أصبح دورها أساسيا في توضيح الحقائق ونقل الأحداث مباشرة صوتا وصورة والإطلاع على الرأي والرأي الآخر.
وطبعا نجم الإعلام بامتياز منذ ديسمبر 2010 هي قناة الجزيرة القطرية التي غدت بعبعا مخيفا لكل الأنظمة العربية الاستبدادية وطورت من قدراتها اللوجيستيكية بشكل رهيب جعلها تتفوق على كل القنوات العربية التقليدية بل وحتى العالمية. والدرس المستفاد من الثورات النوعية الجديدة على عالمنا العربي هو اختلال موازين القوى وتغيير في مفاهيم امتلاك القوة، فتونس تملك 250 ألف شرطي والجيش المصري يعتبر عاشر جيش في العالم، إلا أن كل هذه الجحافل بدت كشرذمات أقزام أمام الجحافل المليونية التي حركتها دعوات الفايسبوك والتدفق الإخباري الزخم على قناة الجزيرة.
إن العقل القطري الذي أنتج قناة عالمية مميزة كقناة الجزيرة يستحق أن نقدم له التحية، رغم كل ما في خلفياتنا الذهنية من مؤاخذات على قطر ودول الخليج عامة. لأنه بالفعل تجاوز الأفكار التقليدية المتمثلة في امتلاك السلاح النووي أو آبار البترول والغاز الطبيعي أو آلاف الأميال البحرية وغيرها من مميزات القوة الكلاسيكية التي كانت ترتب على ضوئها الشعوب والدول وتعتبرها مدخلا أساسيا لتقدمها ونموها.
أقول بكل ثقة إن الثورة في عالمنا العربي صنعتها الجزيرة وأنها من أسقطت ورقة التوت عن الأنظمة العربية الاستبدادية التي أرادت أن تخبئ دمامة وجهها بمساحيق إعلام رسمي متخلف ومتحجر، كذاب وحربائي يتلون بألوان الطيف المنكسر ويهرول وراء كل حاكم، حتى أنه سارع بعد سقوط النظام إلى مدح الثورة والتهليل لها. فهو لا يعرف النقد والرأي المعارض ولا يتقن سوى لغة التزلف والمديح البليدة والتي لا تنطلي حتى على تلاميذ المدارس الذين انخرطوا في الثورة.
على كل الأنظمة العربية المرتجفة فرائصها والتي تنتظر من سيكون الدور عليه، أن تعي الدرس جيدا وتعرف أنه بجوار خوفها الطبيعي من الغول الأمريكي فعليها أن تحذر من الرخ القطري المتمثل في الجزيرة ولتبادر من أجل تحرير حقيقي لمجالها الإعلامي برفع القيود والحدود وإلغاء العقوبات السالبة للحرية في حق ممتهني الإعلام. وفسح المجال لقناة الجزيرة وأخواتها لفتح فروعهم ومكاتبهم. فمهما حاولت الأنظمة فلن تنجح أساليب القمع والمساومة والاتهام، وكلنا رأينا أنه بعد توقيف بث قناة الجزيرة على قمر النايل سات. أتت الشاشات العملاقة لتؤثث ميدان التحرير عارضة الجزيرة 24/24 ساعة.
إن الشعوب الغربية ليست غبية، ولن تداس كرامة العربي ويغتال حلمه في استنشاق الحرية، لأن في استمرارية القمع والظلم خرق للسنن الكونية ونهاية الاستبداد وشيكة لا محالة، ومن غرابة الأقدار وسخريتها أن يخرج الله من رحم الأنظمة الخليجية المتخلفة سلاحا فتاكا عجل بنهاية الأنظمة الأكثر استبدادا في عالمنا العربي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق